في معترك الحياة هناك عظماء، نبلاء، كرماء، يخدمون المجتمع ويقدمون الكثير من التضحيات في صمت، ولأنهم بسطاء وفقراء لا تخلد مواقفهم في الكتب ولا تطالهم الأضواء، لكن لو نظرنا إلى حجم تضحياتهم نجدهم أولى الناس بالتكريمات وأعين الكامرات، فهم بمواقفهم دعاة بر وصلاح…
لم يكن صعبا علينا إيجاد بيتها، فنصاب إحسانها أهّلها للشهرة على الأقل في حيّها، إنها السيدة أم حسان؛ امرأة بذلت عمرها في كفالة عدد من اليتامى، فاستحقت بذلك لقب
"أم اليتامى" وكم لهذا اللقب من شرف، كيف لا وقد من وعد صفوة البشر صلى الله عليه وسلم بمجاورة صاحبه في الجنة، التقينا بها وسجلنا معها الحوار التالي :
أم حسان ربيت ستة يتامى فحملت لقب أم اليتامى حدثينا عن ظروف توليك لهذه الخدمة الجليلة ؟
نشأنا يتامى الأب أنا وأختي وأخي وكنت أنا أصغرهم، عندما توفيت أمي كنت اِبنة 17 عاما، وبقيت وحيدة في بيتنا لأن أخي سافر إلى فرنسا غداة الاستقلال وأختي تزوجت، خرجت للعمل كممرضة في أحد المستشفيات لمدة سنتين، بعدها عاد أخي من فرنسا ومعه ابن رضيع كان ثمرة زواجه الفاشل من يونانية.
طلب مني التوقف عن الشغل والإعتناء به مقابل إرساله لمرتب شهري، امتثلت لأمره وتوليت تربيته، وشاءت الأقدار أن تصاب أختي بمرض خبيث حصد روحها بعد أشهر فتركت هي الأخرى أربعة أطفال؛ ثلاث بنات وولد معاق، وأوصتني عليهم وهي في فراش المرض، وبعد أن تزوج والدهم ورأيت ما حل بهم من تهميش وسوء معاملة سواء من طرف زوجة والدهم أو من طرف نساء عمومهم قررت التكفل بهم.
كيف كان موقف والدهم وأعمامهم من قرارك ؟
في الحقيقة كنت كلما أذهب وأرى حالتهم وأجدهم بملابس متسخة وشعور البنات ليست مسرحة أبكي بحرقة ولا أجد على من ألقي اللوم سوى على والدهم، وفي يوم من الأيام قررت مواجهته وانتظرته حتى عاد من العمل لكنه زجرني وقال لي بالحرف الواحد إذا لم يعجبك الحال تولي أنت تربيتهم فانفجرت غيضا وقلت بكل شجاعة نعم أربيهم وعدت بعد يومين وأخذتهم .
قلت أنك كنت يومها شابة في بداية العشرينات ألم يتقدم أحدهم لخطبتك ؟
بلى تقدم لخطبتي عدد من الرجال، لكن لا أحد منهم قبلني على الأقل أنا وابن أخي، لذلك صرفت عني فكرة الزواج خاصة بعد أن توليت تربية بنات أختي .
يقال أن زوج أختك طلبك للزواج ورفضتيه بسبب رفضه لتربية ابن أخيك مع أبنائه هل هذا الخبر صحيح ؟
نعم طالبني بإعادة الطفل إلى والده والزواج منه لكنني رفضت، لأنه كان يعلم أن حظ إيجاده لزوجة تحسن لأبنائه الأربعة أمر صعب إن لم نقل مستحيل .
هل كان والدهم يدفع النفقة ؟
كان يدفع مبلغا زهيدا في البداية ومع المبلغ الذي يدفعه أخي الذي في فرنسا كنت أعيلهم، لكن الحال لأن أخي توقف عن إرسال المرتب الذي وعدني به كل شهر بعد أن سمع بخبر إعالتي لأبناء أختي وكان قد تزوج ثانية .
كيف تصرفت بعدها ؟ هل لجأت للعدالة مثلا ؟
لا معاذ الله ! شمرت على ساعدي وقررت العمل كخياطة، وأيضا أعين نفسي بضرب الحقن ومعالجة الجروح، وسخر الله لي صديقة عملت معي كممرضة كانت نعم الأخت، هي من عرفت الناس بي وتأتيني بالزبائن وزوجها كان يجمع لي بعض الإعانات في المناسبات وأجمع سنويا زكاة الفطر من طرف بعض الجيران والحمد لله استطعت أن أطعمهم وأدرسهم حتى كبروا .
هل واجهت صعوبات ومتاعب في تربيتهم ؟ وما هو أصعب موقف واجهتيه ؟
لا شك أن تربية الأبناء ليست أمرا سهلا لكنني كنت مقتنعة بما أفعل وأطلب الثواب من الله، الأمر الوحيد الذي أحزنني كثيرا وليس أزعجني، هو الطفل المعاق نورالدين رحمه الله خاصة في أيامه الأخيرة تعذب كثيرا قبل أن يأخذ الله أمانته.
رغم إصابتك بمرض السكري لم تقفي عند حد تربية أبناء أختك وأخيك بل ربيت ولدا آخر عندما كنت في الأربعينات ما سبب هذه المغامرة ؟
كان ذلك بعد أن هاجر ابني حسان – تقصد ابن أخيها – إلى فرنسا حيث جهز له والده الوثائق، وزوجت بناتي الثلاث، بقيت وحيدة فقررت أن أربي ولدا آخر، الأعمار بيد الله، والحمد لله أنا اليوم سعيدة وسط أحفادي
هل كان يتيما أيضا ؟
نعم، أقصد لا أعرف والديه جئت به من مركز الاطفال المسعفين .
ألم تندمي يوما على إفناء زهرة شبابك عازبة تربين اليتامى؟
لو عاد بي الزمن إلى الوراء لاتخذت نفس القرار، ولو كنت لاأزال قادرة ولم أتقدم في السن لربيت أطفالا آخرين.
حاورتها أماني أريس
بارك الله فيك يا بطتي
السلام عليكم
جميل موضوعك
ربما رعاية الايتام وخاصة ذوي القربي
يتطلب شجاعة كبيرة وخاصة وانها إمرأة ضحت بامور جميلة
في سبيل تربية أولاد إخوتها
شكرا على الحوار المفيد
نتطلع لجديدكم معنا
أخوكم فتحي
كم انت رائعة يا ام اليتامى….انت فعلا مثال للمرأة الخيرة و المثابرة ….. بارك الله فيك أماني على هذا الحوار الشيق
يا الله كم هو رائع ما قامت به هذه المرأة
بارك الله فيها
وفيك أخت أماني على الموضوع والحوار الشيق
الله يسلمك حبيبة هؤلاء يا ام زيزو يعلمون البشرية الخير والصلاح بمواقفهم وفي صمت الا تستحق هذه لقب الداعية الى الله ؟
السلام عليكم جميل موضوعك أخوكم فتحي
|
والاجمل مرورك واهتمامك اخي بارك الله فيك
كم انت رائعة يا ام اليتامى….انت فعلا مثال للمرأة الخيرة و المثابرة ….. بارك الله فيك أماني على هذا الحوار الشيق
|
وفيك بارك الله حبيبتي براءة فعلا هي امراة رمز كيف لا وقد اخذتها النخوة على بنات اختها فتولت تربيتهم موقفها افضل من موقف الكثير من الرجال
بارك الله فيك الاخت اماني على الموضوع الرائع ..سيكون من المواضيع التي ستدرج في النسخة الالكترونية العدد الثاني ان شاء الله
لله در هذه المرأة … و مثيلاتها …
فعلا هؤلاء اولى بالتكريم …
ذكرتني بقصة اخت لنا هنا … في يوم زفافها عمل اخوها حادث توفي هو و زوجته فتكفلت هي بتربية الولدين و الغت الزواج …
.
.
.
==========
.
.
.
كل ما اقرأ قصص عن تربية اليتامى و معاناتها … اتذكّر امي … …
ربي يحفظها و يخليها لينا …
.
.
.