داليا مجاهد صوت المسلمين في البيت الأبيض


داليا مجاهد.. صوت المسلمين في البيت الأبيض

في زمن طغت فيه النزعة الميكافيلية، وباتت الغاية مبررا لجميع الوسائل حتى لو كانت انسلاخا جليا عن القيم وتنكرا للأصول، و أصبح الكثير يظن أن نعيم الحياة ومجد الذات لا يكون سوى بمحاكاة شعوب الحضارات المهيمنة محاكاة عمياء لا تخضع للغربلة ولا للتمحيص مسلمين بخيار التنازلات، وكم تكون وطأة المصاب أثقل إذا ما تعلق الأمر بمثقفي أمتنا الجريحة الذين تعقد عليهم الآمال، هاهي بطلة مقامنا اليوم تخالف التيار الرائج، وتضرب أروع مثال للمثقفة الواعية المحافظة على عقيدتها وأصالتها، فتصل قمة المجد مرتاحة الضمير شامخة الهمة عالية القدر إنها الباحثة داليا مجاهد.

ولدت داليا سنة 1977 في القاهرة، وانتقلت إلى أمريكا مع والديها، زاولت مختلف مراحل تعليمها في المدارس العمومية هناك، ثم التحقت بجامعة يتسبرك في أمريكا، وكانت عصامية تحب تدبر أمورها بنفسها فاشتعلت بمصنع للورق، وتولت أمر نفقاتها الدراسية، إلى أن تحصلت على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، بتركيز على الاستراتيجية من كلية جوسف كاتز للدراسات العليا في الأعمال .

أجمل ما عكس قوة شخصيتها وتميزها هو تمسكها بدينها وحجابها، رغم كونها الوحيدة المحجبة في مكان عملها بل في بلدتها كلها، ورغم كل ما واجهته من انتقادات وتهكمات واقصاءات. وكانت مواقف التعصب ضد دينها ووصمه بهتانا بالدموية والهمجية، حافزا قويا جعلها بدل أن تفكر في الإنسلاخ عنه تبحث عن طريقة لتلميع صورته، وإيصاله بشكل صحيح إلى هؤلاء الحاقدين عليه والجاهلين لجوهره وعظمته.

إن التفوق المشهود والشخصية الفذة لداليا، أهلها إلى التوجه للعمل في مركز "جالوب للدراسات الإسلامية"، ثم واصلت التدرج في المناصب والسير بخطى ثابتة نحو نجاحات أكبر، حتى وصلت إلى منصب المدير التنفيذي للمركز. فساهمت في العديد من الأبحاث وألفت الكثير من الكتب حول الإسلام و المسلمين، أهمها كتاب "من يتكلم باسم الإسلام" وهو تجميع لست سنوات من الأبحاث، ويحتوي على أكثر من 50 ألف مقابلة تمثل أكثر من مليار مسلم في أكثر من 35 دولة، تسكنها غالبية مسلمة أو عدد لا بأس به من المسلمين، لذلك اعتبر من أهم الكتب التي عالجت شؤون المسلمين لأنه مثل حوالي 90% من المجتمع الإسلامي.

وفي سنة 2024 حدث ما لم يتوقعه العالم، حينما اختار الرئيس باراك أوباما داليا مجاهد كمستشارة في مجلس الأديان، لتمثل المسلمين عبر مختلف أرجاء العالم وتنوب عن طرح انشغالاتهم وعلاقاتهم مع غيرهم، فكانت بذلك أول مسلمة متحجبة تتقلد منصبا بهذا الحجم في البيت الأبيض، ولم تصل داليا هذا المنصب لكونها مسلمة أو محجبة فحسب، بل لأنها شخصية مناضلة متسلحة بقوة الايمان بالذات وبالمبادئ، وحملت هموم الأمة الاسلامية في حلها وترحالها، منطلقة من التعمق في البحث عن بؤر مشاكلها، مستقصية أسباب انتكاساتها، باحثة عن سبل النهوض بها، وفي كل هذا حملت راية الإسلام من خلال تلك الصورة المشرفة مظهرا وجوهرا.

نعم ليس من السهل أن تصل امراة مسلمة محجبة إلى هذا المنصب، خاصة وأننا رأينا الكثير من المواقف المخيبة للآمال من مثقفين رجال انسخلوا وتنكروا لعقائدهم وأصولهم بحثا عن رضى الغرب، هاهي داليا بإسلامها، تطأ صدر البيت الأبيض حيث تؤخذ آراؤها بعين الإعتبار، وتدرج في خطابات رئيس أعظم دولة في العالم، وتكسب احترام الجميع، وهذا ما عبرت عنه الباحثة في قولها : "علمتني المواقف أن الحياة المؤسسة والمبنية على الضمير الشخصي أهم وأفضل من مواكبة الحياة المريحة وفقا لما يتماشى مع المحيط الذي تعيش فيه، وأعتقد أن ذلك الدرس البسيط في الحياة ساعدني على النجاح وأعطاني الشجاعة اللازمة لمواجهة الصعوبات والتحديات."

فما أحوجنا الى مثقفين من طينة داليا المجاهد، يمثلوننا بعيدا عن تصفيات الحساب والنظرة الأنانية وتقديم المصالح الشخصية، أفراد يحملون حلم أمة عظيمة مزقت أوصالها الحروب والطوائف والمؤامرات، ولا تزال تطمح إلى النهوض لأن ميراثها الحضاري أساسه الوحي الرباني العظيم وليست التنظيرات البشرية.

أماني

http://jawahir.echoroukonline.com/articles/1723.html

—–

—–

صباحك ورد وحائق ذفراء بأريج الخزامى وروحك النقية تتسامى الى رضوان ربها تهفو وتترامى

شكرا يسلملي الذوق يا ام زيزو

—–

أضف تعليق