ما نزال في سلسلة أمهات المؤمنين انقلها لكم كما كتبتها الأاخت الفاضلة ام عبد الله السلفية واليوم مع :
أم المؤمنين السيدة أم سلمة – رضي الله عنها –
نسبها : هي أم المؤمنين ــ زوج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هند بنت أبي أمية – حذيفة ، و قيل : سهيل بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب . القرشية المخزومية التي جمعت بفضل من الله – تعالى – عليها : الجمال ، وسداد الرأي ، ونشأت في بيت جود وكرم ، وشرف نسب .
أسلم أبوها " أبو أمية بن المغيرة " – رضي الله عنه – قبل فتح مكة .
انظر : [ السيرة النبوية لإبن هشام جـ 1 ص 298 – الحاشية ] .
وقد كان ذا رأي سديد وحكمة في قريش ، – وكان أسنهم – . وعندما رفعوا بنيان الكعبة ، واختصموا فيمن يضع الحجر الأسود في ركنه ، أشار عليهم " أبو أمية بن المغيرة " – رضي الله عنه – بأن يحكـّـموا أول من يدخل عليهم من باب المسجد الحرام ، وهو باب بني شيبة – وكان يقال له في الجاهلية : باب بني عبد شمس ، ويقال له الآن : باب السلام – ، ليقضي بينهم فيما اختلفوا فيه ، فكان أول من دخل عليهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، فلما رأوه قالوا : هذا الأمين رضينا ، هذا محمد ، فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : هلمّ إليّ ثوبا ، فأتي به ، فأخذ الحجر فوضعه فيه بيده ، ثم قال لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ، ثم ارفعوه جميعا ، ففعلوا حتى إذا بلغوا به موضعه ، وضعه هو بيده ، ثم بنى عليه . فرضي الجميع بحكمه ، وائتلفت القبائل ، وحقنت الدماء " .
انظر : [ السيرة النبوية لإبن هشام : 1 / 197 ] .
وكان أبو أمية – رضي الله عنه – من أجواد العرب المشهورين بالكرم ، فقد كان يُعرف " بزاد الركب " ، إذا سافر لم يكن أحد من رفقته يحمل زادا ولا يوقد نارا ، لأنه كان يكفيهم حمل الزاد .
وجاء في " اللسان " : وأزواد الركب من قريش هم : أبو أمية بن المغيرة ، والأسوَد بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزّى ، ومسافر بن أبي عمرو بن أمية عم عقبة . كان إذا خرج أحدهم مع الناس يكفيهم ويغنيهم .
انظر : سير أعلام النبلاء للذهبي – رحمه الله – [ 2 / 202 ] .
أمها : عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن مالك بن خزيمة بن علقمة بن فراس .
أخواهـــا لأبيها : عبدالله وزهير ابنا عاتكة عمة رسول الله – صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها – .
أما عبد الله فقد أعرض عن الإسلام ، وقال لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – " …. فوالله لا أؤمن بك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ، ثم ترقى فيه وأنا أنظر إليك حتى تأتيها ، ثم تأتي معك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول ، وأيم الله لو فعلت ما ظننت أني أصدقك " .
انظر : السيرة النبوية لإبن هشام – رحمه الله تعالى – [ 1 / 298 ] .
وأما أخوها زهير – رضي الله عنه – فقد أسلم وحسن إسلامه .
وأخوها لأمها : عمار بن ياسر – رضي الله عنه – .
وهي ابنة عم سيف الله المسلول خالد بن الوليد بن المغيرة – رضي الله عنه – ، وابنة عم أبي جهل عمرو بن هشام بن المغيرة .
وقبل أن يتزوجها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – :كانت زوجة للصحابي الجليل أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرّة – رضي الله عنه – .
وأبو سلمة هو أخو رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من الرضاع : أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب .
انظر : [ جمهرة أنساب العرب 134 ] و [ نسب قريش 337 ] .
ولها منه أربعة أبناء : سلمة ، وعمر ، ودرّة ، وزينب – رضي الله عنهم – أجمعين وهم ربائب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – . [ انظر : أسد الغابة في ترجمة أم سلمة – رضي الله عنها – ] .
شهد أبو سلمة – رضي الله عنه – بدرا وأصيب فيها في عضده ، ومات على أثره في ثماني من جمادى الآخرة سنة أربعة للهجرة .
روى الشيخان – رحمهما الله تعالى – عن أم سلمة – رضي الله عنها – أنها قالت : قلت : يا رسول الله ! هل لي أجر في بني أبي سلمة ؟ أنفق عليهم ولست بتاركتهم هكذا وهكذا ، إنما هم بَـنيّ . فقال : نعم ، لك فيهم أجر ما أنفقت عليهم )
متفق عليه .
زواجها برسول الله – صلى الله عليه وسلم – : تزوجها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في السنة الرابعة للهجرة ، بعد أن انقصت عدتها من أبي سلمة – رضي الله عنه – .
روى الإمام مسلم – رحمه الله تعالى – في صحيحه عن أم سلمة – رضي الله عنها – أنها قالت : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : ( ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إلليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي ، واخلف لي خيرا منها ، إلا آجره الله في مصيبته ، وأخلف له خيرا منها ) قالت : فلما توفيَ أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله – صلى الله عليه وسلم )
[ مختصر صحيح مسلم 461 ] .
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : أرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة يخطبني ، فقلت : " إن لي بنتا وأنا امرأة غيور " ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( أما إبنتها فندعو الله أن يغنيها عنها ، وأدعو الله أن يذهب بالغيرة ) [ رواه مسلم 3/918 ] .
واختلف الرواة فيمن زوّجها برسول الله – صلى الله عليه وسلم – : فرواية الإمام أحمد في " المسند " [ 6 / 313 ] ، " والنسائي " [ 6 / 81 – 82 في النكاح : باب إنكاح الإبن لأمه ] أنها قالت لإبنها عمر : " قم يا عمر فزوّج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – .
لكن ابن كثير – رحمه الله تعالى – أورد في [ التاريخ 4 / 92 ] وفي [ الفصول 245 ] : أن ابنها عمرا كان صغيرا عمره ثلاث سنوات حين تزوجت أم سلمة – رضي الله عنها – برسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، وأنه كان في التاسعة من عمره عندما توفي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، وأن المقصود بعمَر هنا : عمر ابن الخطاب – رضي الله عنه – ، لأنه ابن عمها ، وأنهما يلتقيان بنسبهما في " كعب " .
وبهذا قال الحافظ المزني ، وابن القيم – رحمهما الله تعالى – في [ جلاء الأفهام 197 ] .
وقال ابن عقيل : ظاهر كلام أحمد – رحمهما الله جميعا – : " أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لا ُيشترط في نكاحه الوليّ ، وأن ذلك من خصائصه " . انظر : [ زاد المعاد 1 / 108 ] .
وعن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت : أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لما تزوّج أم سلمة ، أقام عندها ثلاثا ، وقال : ( إنه ليس بك على أهلك هوان ، إن شئت سبّعت لك ، وإن سبّعت لك سبّعت لنسائي ) [ مختصر صحيح مسلم 839 باب : المقام عند البكر والثيّب ] .
فضلها :
1. هي أم المؤمنين زوج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الدنيا والآخرة .
2. من المهاجرات الأول إلى الحبشة مع زوجها أبي سلمة – رضي الله عنه – .
انظر : [ السيرة النبوية لإبن هشام جـ 1 ص 326 ] .
وبالحبشة ولدت ابنها عمر ، وابنتها زينب ، وكان إسمها برّة ، فسماها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – " زينب " .
3. وهي أول ظعينة مهاجرة دخلت المدينة ، فعن مصعب بن عبد الله الزبيري قال : أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة أم سلمة – رضي الله عنها – ، ويقال : بل ليلى بنت حثمة زوجة عامر بن ربيعة – رضي الله عنهم – .
انظر : [ نسب قريش / 337 ] .
4. نزل جبريل عليه الصلاة والسلام على النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو عند أم سلمة – رضي الله عنها – :
فعن أبي عثمان عن سلمان – رضي الله عنهم – قال : " لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ، ولا آخر من يخرج منها ، فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته . قال : وأنبئت أن جبريل عليه السلام أتى نبي الله – صلى الله عليه وسلم – وعنده أم سلمة ، قال فجعل يتحدّث ثم قام ، فقال نبي الله – صلى الله عليه وسلم – لأم سلمة : ( من هذا ؟ ) أو كما قال ، قالت : هذا دحية الكلبي . قال : فقالت أم سلمة : " أيم الله ما حسبته إلا إياه حتى سمعت خطبة نبيّ الله – صلى الله عليه وسلم – يخبر خبرنا ، أو كما قال ، قال : فقلت لأبي عثمان : ممن سمعت هذا ؟ قال من أسامة بن زيد " .
انظر : [ مختصر صحيح مسلم 1676 ] .
5. روت أم المؤمنين أم سلمة – رضي الله عنها – : " ثلاث مئة حديث وثمانية وسبعين حديثا " انظر : سير أعلام النبلاء للذهبي – رحمه الله تعالى – [ 2 / 210 ] . وقد ُذكرت في أصحاب المئين .
واتفق البخاري ومسلم – رحمهما الله تعالى- لها على ثلاثة عشر حديثا ، انفرد البخاري بثلاثة ، ومسلم بثلاثة عشر .
انظر سير أعلام النبلاء [ 2 / 210 ] .
وكانت أم سلمة – رضي الله عنها – آخر أمهات المؤمنين موتا ، عمّرت حتى بلغها استشهاد الحسين – رضي الله عنه – ، ولم تلبث بعده إلا قليلا ، ثم انتقلت إلى جوار ربها سنة إحدى وستين ، وقيل اثنتين وستين للهجرة ، في ولاية يزيد بن معاوية رضي الله عنهما . [ أخرجه الطبراني في الكبير 23 / 248 ] .
توفيت ولها من العمر أربع وثمانون عاما . انظر : [ الإصابة 8 / 225 ] . ودفنت بالبقيع .
رضي الله عنها وأرضاها ، وجعل الفردوس الأعلى مأواها ، وجمعنا بها في أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .
وكتبته : أم عبدالله نجلاء الصالح
من محاضرات اللجنة النسائية بمركز الإمام الألباني -رحمه الله تعالى .
نقلها اخوكم منتصر